لفتت شركة سبيماكو الدوائية الأنظار في سوق الدواء السعودي خلال عامي 2024 و2025، من خلال تحرّك واضح نحو إعادة تشكيل استراتيجيتها البيعية.
فبحسب البيانات حتى نهاية مايو، سجّلت الشركة نموًا لافتًا في متوسط سعر المزيج البيعي بنسبة 21٪ مقارنة بعام 2024، ما يعكس تحولًا مدروسًا في هيكل محفظة المنتجات واختيارات التسعير، ويطرح تساؤلات حول المنهج الجديد الذي تعتمده الشركة لتعزيز موقعها ضمن سوق يشهد تحولات تدريجية في قواعد التنافس.
ورغم أن هذا التحسن في المزيج السعري لم ينعكس على نمو مبيعات يتجاوز نمو السوق العام، إلا أن ذلك يبدو مقصودًا ضمن استراتيجية تفضّل تحسين الهوامش على حساب الكميات، وهو ما يعكس وعياً استباقيًا بمستقبل المنافسة في السوق.
القراءة التحليلية لهذا التوجه تكشف أن «سبيماكو» لا تتعامل مع التغيرات كمجرد تحدٍ تشغيلي، بل كمحفز لإعادة بناء موقعها التنافسي، من خلال التركيز على قيمة المنتج لا فقط على سعره، تحضيرًا لمستقبل تُهيمن عليه معايير المزايدة السعرية في الشراء المؤسسي.
وفي محاولة لفهم أعمق لهذه الاستراتيجية، تواصلت «سوق الدواء» مع الدكتور فهد الحنيني الحربي، المدير العام التنفيذي للمبيعات الوطنية في سبيماكو، والذي فضّل عدم الإدلاء بتصريح في الوقت الراهن.
وقد فُسِّر هذا الموقف من قبل بعض المتابعين على أنه جزء من نهج مدروس تتحفّظ فيه الشركة على الإفصاح عن تحركاتها القادمة، التي قد تحمل طابعًا تحوليًا مهمًا في السوق.
وبينما تبقى تفاصيل هذه الاستراتيجية غير معلنة رسميًا، إلا أن ما هو ظاهر للمتابعين يشير إلى أن سبيماكو بصدد إعادة رسم موقعها في السوق المحلي بطريقة توازن بين الربحية والمرونة. وهذا ما يجعل منها حالة جديرة بالرصد في مرحلة دقيقة من تاريخ قطاع الدواء في المملكة.
ويشهد سوق الدواء في المملكة نموًا قويًا، مدعوماً بالطلب المتزايد على خدمات الرعاية الصحية والتحول الإستراتيجي نحو التصنيع المحلي، لتتربع على عرش أسواق الدواء في منطقة الشرق الأوسط خلال عام 2024 بحصة سوقية تقترب من 30%، وفقا لمصادر دوائية مطلعة تحدثت لـ«سوق الدواء السعودي».
وتواصل المملكة العربية السعودية، جهودها للنهوض بالصناعات الدوائية والمعدات الطبية، من خلال توطينها، ورفع نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وصولاً إلى تقليل الاعتماد على الواردات، وتحقيق الأمن الصحي والاكتفاء الذاتي، مما يجعلها السوق الأكبر والأكثر جذبًا للاستثمارات الدوائية في المنطقة خلال السنوات المقبلة.