تواجه شركة المنتجات الغذائية «نستله» فضيحة جديدة في فرنسا؛ إذ أعلنت السلطات اكتشاف تلوث بكتيري في بعض منتجات الشركة المخصصة للأطفال والمياه المعدنية، ما أدى إلى استدعاء آلاف العبوات من الأسواق.
وأمرت السلطات الفرنسية شركة “برييه” التابعة لنستله، في أبريل الجاري، بإعدام مئات الألاف من عبوة مياه معدنية؛ لاكتشاف بكتيريا من مصدر برازي بأحد آبارها في منطقة جارد جنوبي فرنسا.
ولا تعد هذه المرة الأولى التي تواجه فيها نستله مشاكل تتعلق بإجراءات الجودة والسلامة في منتجاتها، ففي يوليو 2024 واجهت الشركة دعوى قضائية في فرنسا بسبب تلوث منتجات بيتزا من إنتاج إحدى شركاتها ببكتيريا الإشريكية القولونية، ما أدى إلى وفاة طفلين.
ووفقًا لوثائق اطّلعت عليها وحدة التحقيقات في إذاعة فرنسا، تم اكتشاف بكتيريا معوية في زجاجات سعة 75 سنتيلتر في مصنع “فيرجيز” التابع لشركة “نستله” في منطقة غار، حيث تم التعرف على التلوث لأول مرة في 11 مارس.
ومنذ ذلك الحين، أغلقت الشركة خط إنتاج وقامت بحجز 369 منصة نقالة – أي ما يعادل نحو 300,000 زجاجة.
كما تم حجز مئات الآلاف من الزجاجات سعة 50 سنتيلتر بعد أن أظهرت الاختبارات مستويات مرتفعة من الجراثيم القابلة للحياة، والتي قد تشير إلى وجود تلوث بكتيري.
وقالت شركة “نستله ووترز” إن الحادثة جاءت بعد “تدخل تقني في خط الإنتاج”، وادعت أنه “لم يحدث أي انحراف في البئر”.
وفي تصريحات لصحيفة Les Echos الاقتصادية، قالت الشركة إن هذه الأحداث “مرتبطة بالتشغيل الطبيعي للمصنع”.
وأضافت: “جميع المنتجات التي تم طرحها في السوق آمنة”.
تأخير في الإبلاغ
يفرض القانون الفرنسي على الشركات إبلاغ السلطات الصحية فور اكتشاف التلوث.
لكن وكالة الصحة الإقليمية في منطقة أوكسيتاني لم تُبلغ بوجود البكتيريا إلا في 21 مارس – أي بعد 10 أيام من اكتشافها.
وتم الإبلاغ عن حادثة ثانية تتعلق بالزجاجات الأصغر في 22 مارس، لكن لم يتم إخطار السلطات حتى 4 أبريل.
وقالت “نستله ووترز” لصحيفة Les Echos: “مدة التأخير في الإبلاغ كانت أطول قليلاً، لكن ذلك لم يؤثر على جودة منتجاتنا، حيث تم اتخاذ جميع إجراءات العزل ووقف الإنتاج على الفور”.
وكانت الشركة قد أتلفت 3 ملايين زجاجة في أبريل 2024 بعد تلوث سابق بالبكتيريا البرازية.
التسمية تحت التهديد
أوصت وكالة الصحة الإقليمية بأن يقوم محافظ غار بسحب حق شركة “بيريه” في تسويق مياهها كمياه معدنية طبيعية. وينطبق هذا القرار على جميع الآبار في موقع “فيرجيز”.
وقالت الوكالة: “يمكن النظر في الإتلاف الكامل للزجاجات المتضررة”.
وخلص الهيدرولوجيون المعتمدون من وزارة الصحة الفرنسية إلى أن جميع آبار “بيريه” فقدت “نقاءها الأصلي” – وهو شرط أساسي لتصنيف المياه كمياه معدنية.
وأشار تقريرهم، الذي نقلته عدة وسائل إعلام فرنسية، إلى “رأي صحي سلبي” ولاحظ اختلافات كبيرة بين نتائج اختبارات “نستله” وتلك المقدمة من السلطات الصحية بشأن مؤشرات التلوث البرازي.
وقالت “نستله ووترز” إنها “لم تكن على علم على الإطلاق” بتوصية السلطات الصحية.
إحالة قانونية
قامت وكالة مكافحة الغش الاستهلاكي الفرنسية بإحالة القضية إلى النيابة العامة بموجب المادة 40 من قانون العقوبات، والتي تلزم الموظفين العموميين بالإبلاغ عن أي جرائم مشتبه بها.
كما أعرب العلماء عن قلقهم بشأن استخدام المصنع لفلاتر دقيقة بحجم 0.2 ميكرون، والتي قالوا إنها تُستخدم لمعالجة المياه الملوثة ولكنها غير كافية لتنقيتها بالكامل. هذه الفلاتر لا يمكنها حجز جميع الفيروسات وقد تسمح بمرور بعض البكتيريا.
وفي عام 2022، حذرت مفتشية الشؤون الاجتماعية وزير الاقتصاد من أن الاعتماد المستمر على هذه الفلاتر – مع إزالة الأنظمة الأكثر فعالية مثل الأشعة فوق البنفسجية والفحم النشط – يشكل خطرًا فيروسيًا.
وفي أوائل عام 2023، صرح كبير مسؤولي الصحة في فرنسا آنذاك، جيروم سالومون، بأنه سيكون من “غير المقبول” السماح لـ”نستله” باستخدام الترشيح الدقيق فقط.
ورغم هذه التحذيرات، منحت حكومة إليزابيث بورن الشركة إعفاءً خاصًا، بموافقة من قصر الإليزيه. ولا يزال هذا الإعفاء ساريًا.
مستقبل غير مؤكد
من المتوقع أن يقرر جيروم بونيه، محافظ غار، في الأيام المقبلة ما إذا كان يمكن للعلامة التجارية مواصلة استخدام تصنيف “مياه معدنية طبيعية”.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “نستله”، لوران فريكس، أمام مجلس الشيوخ الفرنسي في 9 أبريل إن الشركة بدأت تحقيقًا داخليًا.
وفي الاجتماع السنوي للشركة، دعت مؤسسة “إيثوس” السويسرية – التي تمثل صناديق التقاعد – “نستله” إلى نشر نتائج التحقيق، أو على الأقل “ملخصًا” منه، حتى يتمكن المساهمون من تقييم المخاطر.
