يشهد سوق أدوية الأورام، نمواً متسارعاً على المستوى العالمي، مدفوعاً بتزايد حالات الإصابة بالسرطان وارتفاع أعمار السكان في مختلف الدول، وهو ما يؤدي إلى زيادة الطلب على علاجات السرطان بشكل كبير.
ورغم أن معدلات الوفيات الناجمة عن السرطان تشهد انخفاضاً نسبياً في بعض الدول بفضل التطور الطبي والكشف المبكر وتحسّن العلاجات، فإن الأعداد الإجمالية للوفيات ما زالت ترتفع نتيجة زيادة أعداد كبار السن.
فوفقاً لبيانات معهد القياسات الصحية والتقييم الأمريكي (IHME)، سجّل سرطان الرئة والقصبة الهوائية أعلى عدد من الوفيات في عام 2021، بأكثر من مليوني حالة وفاة حول العالم، تلاه سرطان القولون والمستقيم بأكثر من مليون حالة وفاة، وسرطان المعدة بنحو 954 ألف حالة وفاة. ويشير ذلك إلى الحاجة الملحة لتطوير علاجات مبتكرة وفعّالة للسيطرة على هذه الأنواع من السرطانات.
وعلى الرغم من هذا الواقع المؤلم، تشير تقارير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى أن معدلات الوفاة بسبب معظم أنواع السرطان تشهد انخفاضاً في الولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 2018 و2022، مع تحقيق انخفاضات ملحوظة في سرطان الرئة بنسبة 4.5% للرجال و3.4% للنساء، وسرطان القولون بنسبة 2.1% للرجال و1.8% للنساء. ويعود هذا التحسن إلى التقدم في الفحص المبكر والعلاجات الحديثة، بما في ذلك العلاجات المناعية والموجّهة.
من ناحية أخرى، تتزايد حالات الإصابة بالسرطان عالمياً، إذ تقدّر منظمة الصحة العالمية أن عدد الحالات السنوية قد ارتفع من 12.6 مليون حالة في عام 2008 إلى 18.1 مليون حالة في عام 2018، ومن المتوقع أن يصل إلى 29.4 مليون حالة بحلول عام 2040، مدفوعاً بالشيخوخة السكانية وزيادة متوسط العمر المتوقع.
وتواجه اليابان والولايات المتحدة، على وجه الخصوص، تحدياً متزايداً بسبب شيخوخة السكان، حيث يمثل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً نحو 16% من سكان الولايات المتحدة و70% من الحالات الجديدة للسرطان، كما أن هذه الفئة مسؤولة عن ما يقارب 70% من وفيات السرطان في اليابان.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أشار تقرير معهد IQVIA إلى نمو قوي في سوق أدوية الأورام، حيث بلغت قيمة السوق نحو 337 مليار دولار في عام 2025، ومن المتوقع أن تصل إلى 441 مليار دولار بحلول عام 2029، بنمو سنوي مركب يبلغ 10.6%. ويُعزى هذا النمو إلى الابتكارات في العلاجات الجديدة التي تقدم حلولاً لاحتياجات المرضى غير الملباة سابقاً، خصوصاً في سرطانات الثدي والبروستاتا والقولون والمستقيم، التي يُتوقّع أن تشهد نمواً في الإنفاق يتراوح بين 12 و16% سنوياً حتى عام 2029.
وبحسب تقارير IQVIA، ستشهد الدول الناشئة أسرع معدلات النمو في الإنفاق على علاجات الأورام، بما يعكس توسع البنية التحتية الصحية وزيادة التغطية الصحية في هذه المناطق. كما أن التطور في الأدوية الحيوية والموجّهة مثل “كيترودا” و”دارزاليكس” و”إنهيرتو” يسهم بشكل كبير في تحفيز هذا النمو.
في الختام، يبقى سوق أدوية السرطان من أكثر القطاعات ديناميكية وأهمية في صناعة الدواء، وسيواصل نموه في السنوات القادمة نتيجة استمرار الحاجة الملحّة لعلاجات فعّالة ومبتكرة، وكذلك زيادة الاستثمار في البحث والتطوير لمواجهة التحديات المتزايدة للسرطان على الصعيد العالمي.
د. نبيل عبدالحفيظ الحكمي
ريادة الأعمال والاستثمار في مجال التقنية الحيوية والصناعات الدوائية المبتكرة